الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)
وقال قطرب: معناه نزلوا. وأنشد قول الشاعر: وقرأ ابن عباس: {فحاسوا} بالحاء المهملة. قال أبو زيد: الحوس، والجوس، والعوس، والهوس: الطوف بالليل، وقيل: الطوف بالليل هو الجوسان محركاً، كذا قال أبو عبيدة. وقرئ: {خلل الديار}. ومعناه معنى خلال وهو: وسط الديار {وَكَانَ} ذلك {وَعْدًا مَّفْعُولاً} أي: كائناً لا محالة. {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ} أي: الدولة والغلبة والرجعة، وذلك عند توبتهم.قيل: وذلك حين قتل داود جالوت، وقيل: حين قتل بختنصر {وأمددناكم بأموال وَبَنِينَ} بعد نهب أموالكم وسبي أبنائكم، حتى عاد أمركم كما كان. {وجعلناكم أَكْثَرَ نَفِيرًا} قال أبو عبيدة: النفير: العدد من الرجال؛ فالمعنى؛ أكثر رجالاً من عدوكم، والنفير: من ينفر مع الرجل من عشيرته، يقال: نفير ونافر مثل: قدير وقدر، ويجوز أن يكون النفير جمع: نفر {إِنْ أَحْسَنتُمْ} أي: أفعالكم وأقوالكم على الوجه المطلوب منكم، {أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ} لأن ثواب ذلك عائد إليكم {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} أفعالكم وأقوالكم فأوقعتموها لا على الوجه المطلوب منكم، {فَلَهَا} أي: فعليها. ومثله قول الشاعر: أي: على اليدين وعلى الفم. قال ابن جرير: اللام بمعنى إلى، أي: فإليها ترجع الإساءة كقوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا} [الزلزلة: 5] أي: إليها؛ وقيل: المعنى: فلها الجزاء أو العقاب.وقال الحسين بن الفضل: فلها ربّ يغفر الإساءة، وهذا الخطاب: قيل هو لبني إسرائيل الملابثين لما ذكر في هذه الآيات، وقيل: لبني إسرائيل الكائنين في زمن محمد صلى الله عليه وسلم، ومعناه: إعلامهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلك، وقيل: هو خطاب لمشركي قريش. {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة} أي: حضر وقت ما وعدوا من عقوبة المرة الآخرة، والمرة الآخرة: هي قتلهم يحيى بن زكريا كما سبق، وقصة قتله مستوفاة في الإنجيل، واسمه فيه يوحنا، قتله ملك من ملوكهم بسبب امرأة حملته على قتله، واسم الملك لاخت قاله ابن قتيبة.وقال ابن جرير: هيردوس، وجواب {إذا} محذوف، تقديره: بعثناهم، لدلالة جواب {إذا} الأولى عليه، {يسؤووا وُجُوهَكُمْ} متعلق بهذا الجواب المحذوف أي: ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم حتى تظهر عليكم آثار المساءة، وتتبين في وجوهكم الكآبة، وقيل: المراد بالوجوه السادة منهم. وقرأ الكسائي: {لنسوء} بالنون، على أن الضمير لله سبحانه. وقرأ أبيّ: {لنسوءن} بنون التأكيد. وقرأ أبو بكر، والأعمش، وابن وثاب، وحمزة، وابن عامر {ليسوء} بالتحتية والإفراد. قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتته فقد تبرته، والضمير: لله أو الوعد {وَلِيَدْخُلُواْ المسجد} معطوف على {ليسوءوا}. {كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ} أي: يدمروا ويهلكوا، وقال قطرب: يهدموا، ومنه قول الشاعر: وقرأ الباقون بالتحتية، وضم الهمزة، وإثبات واو بعدها على أن الفاعل عباد لنا {مَا عَلَوْاْ} أي: ما غلبوا عليه من بلادكم، أو مدة علوهم {تَتْبِيرًا} أي: تدميراً، ذكر المصدر إزالة للشك وتحقيقاً للخبر. {عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} يا بني إسرائيل بعد انتقامه منكم في المرة الثانية. {وَإِنْ عُدتُّمْ} للثالثة {عُدْنَا} إلى عقوبتكم. قال أهل السير: ثم إنهم عادوا إلى ما لا ينبغي وهو تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وكتمان ما ورد من بعثه في التوراة والإنجيل، فعاد الله إلى عقوبتهم على أيدي العرب، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافرين حَصِيرًا} وهو المحبس، فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول. والمعنى: أنهم محبوسون في جهنم لا يتخلصون عنها أبداً. قال الجوهري: حصره يحصره حصراً: ضيق عليه وأحاط به؛ وقيل: فراشاً ومهاداً،- وأراد على هذا- بالحصير: الحصير الذي يفرشه الناس {إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} يعني: القرآن يهدي الناس الطريقة التي هي أقوم من غيرها من الطرق وهي ملة الإسلام، فالتي هي أقوم صفة لموصوف محذوف وهي الطريق.وقال الزجاج: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله، وكذا قال الفراء. {وَيُبَشّرُ المؤمنين} قرأ حمزة والكسائي: {يبشر} بفتح الياء وضم الشين. وقرأ الباقون بضم الياء وكسر الشين من التبشير أي: يبشر بما اشتمل عليه من الوعد بالخير آجلاً وعاجلاً للمؤمنين {الذين يَعْمَلُونَ الصالحات} التي أرشد إلى عملها القرآن {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} أي: بأنّ لهم. {وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} وأحكامها المبينة في القرآن {أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} وهو عذاب النار، وهذه الجملة معطوفة على جملة يبشر بتقدير: يخبر، أي: ويخبر بأن الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ وقيل: معطوفة على قوله: {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} ويراد بالتبشير: مطلق الإخبار، أو يكون المراد منه معناه الحقيقي، ويكون الكلام مشتملاً على تبشير المؤمنين ببشارتين: الأولى: مالهم من الثواب، والثانية: ما لأعدائهم من العقاب. {وَيَدْعُ الإنسان بالشر} المراد بالإنسان هنا: الجنس، لوقوع هذا الدعاء من بعض أفراده، وهو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له {دُعَاءهُ بالخير} أي: مثل دعائه لربه بالخير لنفسه ولأهله كطلب العافية والرزق ونحوهما، فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشرّ هلك، لكنه لم يستجب تفضلاً منه ورحمة، ومثل ذلك {وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير} [يونس: 11].وقد تقدّم؛ وقيل: المراد بالإنسان هنا القائل هذه المقالة: هو الكافر يدعو لنفسه بالشرّ، وهو استعجال العذاب دعاءه بالخير كقول القائل: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32]. وقيل: هو أن يدعو في طلب المحظور كدعائه في طلب المباح، وحذفت الواو من {ويدع الإنسان} في رسم المصحف لعدم التلفظ بها لوقوع اللام الساكنة بعدها كقوله: {سَنَدْعُ الزبانية} [العلق: 18] و{وَيَمْحُ الله الباطل} [الشورى: 24] و{وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين} [النساء: 146] ونحو ذلك.{وَكَانَ الإنسان عَجُولاً} أي: مطبوعاً على العجلة، ومن عجلته: أنه يسأل الشر كما يسأل الخير؛ وقيل: إشارته إلى آدم عليه السلام حين نهض قبل أن تكمل فيه الروح، والمناسب للسياق هو الأوّل.وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل} قال: أعلمناهم.وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: أخبرناهم.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً: {وقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل}: قضينا عليهم.وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن عليّ في قوله: {لَتُفْسِدُنَّ في الارض مَرَّتَيْنِ} قال: الأولى: قتل زكريا، والآخرة: قتل يحيى.وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في الآية، قال: كان أوّل الفساد قتل زكريا، فبعث الله عليهم ملك النبط، ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط فأصابوا منهم، فذلك قوله: {ثم رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ}.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: بعث الله عليهم في الأولى جالوت، وبعث عليهم في المرة الأخرى بختنصر، فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه {فَجَاسُواْ} قال: فمشوا.وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: {تَتْبِيرًا} تدميراً.وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} قال: كانت الرحمة التي وعدهم بعث محمد صلى الله عليه وسلم.وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} قال: فعادوا فبعث الله سبحانه عليهم محمداً، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. واعلم أنها قد اختلفت الروايات في تعيين الواقع منهم في المرّتين، وفي تعيين من سلطه الله عليهم، وفي كيفية الانتقام منهم، ولا يتعلق بذلك كثير فائدة.وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافرين حَصِيرًا} قال: سجنا.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه، قال: معنى حصيراً: جعل الله مأواهم فيها.وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {حَصِيرًا} قال: فراشاً ومهاداً.وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} قال: للتي هي أصوب.وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه كان يتلو كثيراً {إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ} بالتخفيف.وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَاءهُ بالخير} يعني قول الإنسان: اللهم العنه واغضب عليه.وأخرج ابن جرير عنه في قوله: {وَكَانَ الإنسان عَجُولاً} قال: ضجراً، لا صبر له على سرّاء ولا ضرّاء.وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر عن سلمان الفارسي قال: أوّل ما خلق الله من آدم رأسه، فجعل ينظر وهو يخلق وبقيت رجلاه، فلما كان بعد العصر قال: يا ربّ أعجل قبل الليل، فذلك قوله: {وَكَانَ الإنسان عَجُولاً}.
وقرأ الجمهور {أمرنا} من الأمر، ومعناه ما قدّمنا في القول الأوّل، ومعنى {مُتْرَفِيهَا}: المنعمون الذين قد أبطرتهم النعمة وسعة العيش، والمفسرون يقولون في تفسير المترفين: إنهم الجبارون المتسلطون، والملوك الجائرون، قالوا: وإنما خصوا بالذكر لأن من عداهم أتباع لهم، ومعنى {فسقوا فيها}: خرجوا عن الطاعة وتمرضوا في كفرهم، لأن الفسوق الخروج إلى ما هو أفحش {فَحَقَّ عَلَيْهَا القول} أي ثبت وتحقق عليهم العذاب بعد ظهور فسقهم. {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي: تدميراً عظيماً لا يوقف على كنهه لشدته وعظم موقعه، وقد قيل في تأويل {أمرنا} بأنه مجاز عن الأمر الحامل لهم على الفسق، وهو إدرار النعم عليهم، وقيل أيضاً: إن المراد ب {أردنا أن نهلك قرية} أنه قرب إهلاك قرية، وهو عدول عن الظاهر بدون ملجئ إليه. ثم ذكر سبحانه أن هذه عادته الجارية مع القرون الخالية فقال: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ القرون} أي: كثيراً ما أهلكنا منهم، ف {كم} مفعول {أهلكنا} و{من القرون} بيان ل {كم} وتمييز له؛ أي: كم من قوم كفروا من بعد نوح كعاد وثمود، فحلّ بهم البوار ونزل بهم سوط العذاب؟ وفيه تخويف لكفار مكة. ثم خاطب رسوله بما هو ردع للناس كافة فقال: {وكفى بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا} قال الفراء: إنما يجوز إدخال الباء في المرفوع إذا كان يمدح به صاحبه أو يذم به، كقولك: كفاك، وأكرم به رجلاً، وطاب بطعامك طعاماً، ولا يقال: قام بأخيك، وأنت تريد: قام أخوك. وفي الآية بشارة عظيمة لأهل الطاعة وتخويف شديد لأهل المعصية، لأن العلم التام والخبرة الكاملة والبصيرة النافذة تقتضي إيصال الجزاء إلى مستحقه بحسب استحقاقه، ولا ينافيه مزيد التفضل على من هو أهل لذلك، والمراد بكونه سبحانه: {خبيراً بصيراً} أنه محيط بحقائق الأشياء ظاهراً وباطناً لا تخفى عليه منها خافية.وقد أخرج البيهقي في دلائل النبوّة، وابن عساكر عن سعيد المقبري: أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن السواد الذي في القمر، فقال: «كانا شمسين، قال الله {وَجَعَلْنَا اليل والنهار ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ اليل} فالسواد الذي رأيت هو المحو».وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى هذا بأطول منه. قال السيوطي: وإسناده واهٍ.وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن عليّ في قوله: {فَمَحَوْنَا ءايَةَ اليل} قال: هو السواد الذي في القمر.وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس نحوه.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وجعلنا آية النهار مبصرة} قال: منيرة. {لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ} قال: جعل لكم سبحاً طويلاً.وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فَصَّلْنَاهُ} قال: بيناه.وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير بسندٍ حسن عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «طائر كل إنسان في عنقه».وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ألزمناه طَآئِرَهُ في عُنُقِهِ} قال: سعادته وشقاوته وما قدّر الله له وعليه فهو لازمه أين كان.وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن أنس في قوله: {طَئِرَهُ} قال: كتابه.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: عمله. {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَابًا يلقاه مَنْشُوراً} قال: هو عمله الذي أحصي عليه، فأخرج له يوم القيامة ما كتب له من العمل فقرأه منشوراً.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {اقرأ كتابك} قال: سيقرأ يومئذٍ من لم يكن قارئاً في الدنيا.وأخرج ابن عبد البرّ في التمهيد عن عائشة في قوله: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} قال: سألت خديجة عن أولاد المشركين فقال: «هم من آبائهم» ثم سألته بعد ذلك فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} فقال: «هم على الفطرة». أو قال: «في الجنة». قال السيوطي: وسنده ضعيف.وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: يا رسول الله إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين، قال: «هم منهم». وفي ذلك أحاديث كثيرة وبحث طويل.وقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية غالب الأحاديث الواردة في أطفال المشركين، ثم نقل كلام أهل العلم في المسألة فليرجع إليها.وأخرج إسحاق بن راهويه، وأحمد، وابن حبان، وأبو نعيم في المعرفة، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في كتاب الاعتقاد عن الأسود بن سريع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصمّ لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة»، ثم قال: «فيأخذ الله مواثيقهم ليطيعنه ويرسل إليهم رسولاً أن أدخلوا النار»، قال: «فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاما، ومن لم يدخلها يسحب إليها»، وإسناده عند أحمد، هكذا حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي عن أبي قتادة، عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سريع.وأخرج نحوه إسحاق بن راهويه، وأحمد، وابن مردويه عن أبي هريرة، وهو عند أحمد بالإسناد المذكور عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.وأخرج قاسم بن أصبع، والبزار، وأبو يعلى، وابن عبد البرّ في التمهيد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. وجعل مكان الأحمق المعتوه.وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والطبراني وأبو نعيم عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى يوم القيامة بالممسوح عقلاً وبالهالك في الفترة، وبالهالك صغيراً» فذكر معناه مطولاً.وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} قال: بطاعة الله فعصوا.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله.وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال: سمعت ابن عباس يقول في الآية: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بحق فخالفوه، فحق عليهم بذلك التدمير.وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عنه في الآية قال: سلطنا شرارنا فعصوا، فإذا فعلوا ذلك، أهلكناهم بالعذاب، وهو كقوله: {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أكابر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} [الأنعام: 123].وأخرج البخاري، وابن مردويه عن ابن مسعود، قال: كنا نقول للحى إذا كثروا في الجاهلية: قد أمر بنو فلان.
|